الطاعون والموت الأسود وفيروس كورونا

روي البخاري في صحيحه من حديث الصحابي عوف بن مالك أن النبي محمد ذكر ست علامات من علامات الساعة الصغرى بترتيب زمني تحدث بين عصر النبي وبين قيام الساعة فقال عوف بن مالك: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ، فَقَالَ: «اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: مَوْتِي، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ مُوتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الْغَنَمِ، ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ الْمَالِ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِئَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا، ثُمَّ فِتْنَةٌ لَا يَبْقَى بَيْتٌ مِنَ الْعَرَبِ إِلَّا دَخَلَتْهُ، ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الْأَصْفَرِ فَيَغْدِرُونَ، فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا».

في عهده خليفة رسول الله الثاني عمر بن الخطاب زادت الفتوحات الاسلامة وبلغ الإسلام مبلغًا عظيمًا، ووجهة الجيوش لفتح البلاد وتوسع الدولة الاسلامة وتوسعة نطاق الدولة حتى وصلت أراضي العراق والشام وفارس ومصر وليبيا وخراسان وبعض الاجزاء من الأناضول وأجزاء من أرمينية، وهو الذي ضم القدس تحت حكم المسلمين لأول مرة وهي ثالث أقدس المدن في الإسلام، وبهذا أصبحت الدولة الإسلامية تضم حوالي ثلثيّ أراضي الامبراطورية البيزنطية وكل أراضي الإمبراطورية الفارسية الساسانية وحوالي بقوة البطل عمر بن الخطاب العسكرية في حملاته المنظمة المتعددة التي وجهها لإخضاع الفرس الذين فاقوا المسلمين قوة، فتمكن من فتح كامل إمبراطوريتهم خلال أقل من سنتين، كما تجلّت قدرته وحنكته السياسية والإدارية عبر حفاظه على تماسك ووحدة دولة كان حجمها يتنامى يومًا بعد يوم ويزداد عدد سكانها وتتنوع أعراقه.

وفي السنة الثامنة عشر هجريا وكانت السنة الخامسة في خلافته رضي الله عن وعن صحابة رسول الله كلهم أجمعين كانت الحرب بين المسلمين  والبيزنطيين وكانت المعارك تدور في بلاد الشام.
وبالتحديد في قرية قرب بيت المقدس تسمي عمواس وقع الطاعون فسُمي "طاعون عمواس" ثم انتشر في بلاد الشام.
وكان عمر بن الخطاب يهم بدخول الشام وقتها، فنصحه عبد الرحمن بن عوف بالحديث النبوي صلي الله عليه وسلم «إذا سمعتم بهذا الوباء ببلد، فلا تقدموا عليه، وإذا وقع وأنتم فيه فلا تخرجوا فرارًا منه».
ومن الواضح أن الطاعون أنتشر بصورة مريعة، بسبب المعارك التي حدثت ، وعلي الرغم أن المسلمين كانوا يدفنون موتهم، فإن عشرات آلاف القتلى من البيزنطيين بقيت جثثهم في ميادين القتال من غير أن تُدفن، حيث لم تجد جيوشهم المنهزمة دائمًا الوقت الكافي لدفن القتلى. وأستمر هذا الطاعون شهورًا، مما أدى إلى وفاة خمسة وعشرين ألفًا من المسلمين وقيل ثلاثين ألفًا، بينهم جماعة من كبار الصحابة أبرزهم: أبو عبيدة بن الجراح ، ومعاذ بن جبل ومعه ابنه عبد الرحمن، ويزيد بن أبي سفيان، وشرحبيل بن حسنة، والفضل بن العباس بن عبد المطلب، وأبو جندل بن سهيل ولم ينتهي الامر عندا أذ بل وقيل أن الطاعون أصاب البصرة أيضًا فمات به بشر كثير.

في ميناء مدينة في صقلية وصلت أثنتا عشرة سفينة تجارية محملةً  بالبضائع والحرير جاءت من الشرق من ناحية البحر الأسود والمتوسط، والمفاجأة أنَّ السفن كانت تحمل كارثة مدمرة، إنّه الموت الأسود كما أطلق عليه القرن الرابع عشر.

أغلب ركّاب هذه السفن كانوا أمواتاً وأجسادهم مغطاةً ببقع سوداء داكنة،والباقين على قيد الحياة كان المرض قد أنهك قواهم من الألم، وعلى الرغم من ترحيل السفن بعد رؤية أهل المدينة لهذا المشهد الفظيع، إلا أنَّ الوقت كان قد فات، وبدأ المرض بالانتشار في أنحاء أوروبا مودياً بحياة أكثر من ثلث سكّانها.

وهنا بعد الحقائق عن هذا المرض الفتّاك الطاعون:
1. أجتاح الطّاعون في القرن الرابع عشر أوروبا والشرق الأوسط ووصل إلى شمال آسيا والأمريكيتين ممّا جعله كارثةً بارزة في التاريخ.
2. قتل الطاعون ما يُقدّرب من 30-60% من سكّان أوروبا. وأخفض عدد سكان العالم بمقدار 75-100 مليون نسمة تقريباً، وذلك خلال القرن الرابع عشر فقط.

 وهنا لنا وقفة فمن العجب الأن أن تسمع جميع دول العالم يقولون فيروس كورونا المستجد بينما ظهر الطاعون في القرن السادس الميلادي والقرن الرابع عشر والسّابع عشرو في كل القارات تقريبا وقد بدا أنّه أختفى نهائياً في ثلاثينيّات القرن الماضي ولكن في مدغشقر تمّ رصد حالة من بكتيريا الطاعون التي طوّرت من نفسها للمقاومة ضدّ المضادات الحيوية في عام 1995، كما وصلت لمنظمة الصحة العالمية تشخيصات متعددة عن مصابين بالطاعون في نوفمبر 2014 .

هل هناك فرق بين الطاعون كاوباء بكتيري وفيروس كورونا؟
وما هي آنواع الطاعون؟
  • طاعون ذات الرئة (Pneumonic plague)
  • الطاعون النزفي (Bubonic plague)
  • طاعون تلوث الدم (Septicaemic plague)
أعراض الإصابة بهذا الطاعون هي السعال، الحمّى، الصداع، التعب العام، صعوبة أو مشاكل في التنفس وألم في الصدر.

بعض المضاعفات التي تترتب على الإصابة بالطاعون:
  • التهاب السحايا
  • الغرغرينا
  • الوفاة في حال عدم تلقّي المصاب العلاج الملائم في الوقت الصحيح.
وهي نفس الاعراض والمضاعفات للفيروس كورونا.


نماذج من الاقنعة المستخدمة في القرون الوسطة للوقاية من مرض الموت الاسود







تعليقات

  1. مقال رائع ... سرد ممتاز....يستحق القراءة و الإشادة

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة